الثلاثاء، 11 أبريل 2017

(1) العلاقات العامة

الاتصال والعلاقات العامة 
أ. سعيد البوسعيدي 

العلاقات العامة: 
وسيلة مشتركة لتبادل الأفكارة والآراء لتحقيق أهداف ايجابية 
او اداة لخلق التواصل المتبادل بين الأفراد والمؤسسات 

لماذا العلاقات:
١/ تشكيل رأي عام: عبر لقاءات وتحليل لإيصال صورة المؤسسة 
٢/ تغيير الاتجاهات والتأثير برأي الناس 
٣/ الحاجة لبناء سمعة وصورة جيدة 

الهوية: الكيفية التي يعرّف بها المؤسسات عن ذواتهم الاعتبارية والشخصية 
كالموقع واللوغو 

السمعة: مجموعة قناعات شكلها الناس عن منتج أو فرد 
كالجودة والمنتج والتعامل

الصورة الذهنية: ما يثبت في ذهن الفرد تراكميا عن العلاقات أو الجهات
كثبات اللبس كما تتعلق بالسلوك 

حجم الإنفاق على العلاقات العامة: 
في الخليج بالدولار:
٢٠٠٩م = ١٠٠ مليون
٢٠١١ م = ٥٠٠ مليون 
٢٠١٤م = ١ مليار 

صفات المختصين في العلاقات: 
الدقة 
الحماس 
حب الإطلاع 
الإلمام بالحاسب الآلي 
اتقان لغة التخاطب 

تقديم - حلول مهارية (0)



ابتكرت الحلول التقنية أسلوبا حديثا في التعرف على المهارات وتوسعة مداركنا عنها من خلال بعض المقاطع القصيرة التي تشكل دورات سريعة عن مواضيع شتى.
وقد كنت أحاول الاستفادة من بعض المنصات الإلكترونية التي توفر تلك الدورات باختلاف منشئها كرواق ومهارة وإدلال ومحتوى اليوتيوب، خاصة في المواضيع التي أهتم بها والمهارات التي استشعر مدى حاجتنا إليها.
ولعلي أضعها في تصنيف "لمحات مهارية" لتكون محتوى إضافيا للمدونة يشيع الفائدة ويتممها، على أن تكون ملخصة في نقاط ودون صياغة مقالية.

الاثنين، 3 أبريل 2017

ايقونة الرجال

أقل من مائة صفحة شكلت عملا رياديا يوثق مهجر الفلسطينيين منذ عام ١٩٦٣م، بل هي أيقونة أدبية رمزية تتوالد منها تفسيرات وتأويلات على هامش "التغريبة" الفلسطينية المزمنة.
اعني رواية رجال في الشمس لغسان كنفاني، التي ربما تأخرت كثيرا في قراءتها حتى أعادتني إليها توصية قرائية ضمن محادثات مع الأديب عبدالواحد الأنصاري، وما أجمل "أستاذيته" التي تفيض علينا باختيارات عميقة وذائقة متفردة وتواضع جم يصلنا باكتشافات نادرة في شتى العلوم ومشارب المعرفة.
ان اسوأ ما تواجهه من ناشر أي رواية حين يأخذ لبّها فيضعه كتمهيد للعمل، فكيف بهذا العمل الروائي القصير؟ وأظن أن المركز الثقافي العربي بالدار البيضاء بالمغرب اساء من حيث لم يقصد، حين أدت به الرغبة في إبراز محورية الكتاب بين أعمال كنفاني فاستفاض حتى قدم لنا الحبكة في سطور، وما ضرهم لو القوا بتلخيصهم للرواية في الصفحات الأخيرة.
استطاع كنفاني بل وفّق في تقديم سيرة الشخصيات الأربع الرئيسة في العمل في حبكة القت بهم تحت رحمة المهربين في البصرة على مشارف الكويت، ليغوصوا في مقلاة الهجرة كما غاص من قبلهم.
عمد كنفاني إلى تقديم شخصياته عالقين في محطة العبور أو الهروب إلى أرض الثراء لكنه لم ينس أن ينقل إلينا ببراعة تلك الحياة التي يظللها الاحتلال وتتطلب اشتراطات عديدة يصعب توفرها.
تشكل الرواية صرخة المهاجرين الذين تدفعهم إرادة الحياة إلى الاغتراب مهما ترصدت لهم النقاط أو خنقتهم مواقف اللامبالين والمتربحين من قضاياهم.
فأبو العبد كان مقاتلا في الرملة وابو الخيزران الذي فقد رجوليته بقنبلة أو شظية في سبيل الوطن أصبحوا مهربي بشر بحثا عن مزيد من النقود، هكذا يتحول صاحب القضية إلى مقامر عليها يترقب البسطاء وينهب من جيوبهم ثمن أحلامهم.
إن العمل الأدبي وسيلة مقاومة ناجعة كما تدلل أعمال كنفاني، بل إن "رجال في الشمس" أمثولة لشعب وصرخة مدوية وعمل خالد في أدبيات الهجرة.

الأحد، 2 أبريل 2017

عصر الكوبليهات..



موجة أخرى يفرضها المزاج السماعي والذائقة الفنية المضطربة، فلا تنتشي الا بكوبليهات تتقاطع مع مشاعر متناقضة تنساب مع الكلمات وتتماشى مع الإيقاع.
هكذا حوّل رواد ساوند كلاود طربنا إلى ساعات من الانتشاء المتناهي الذي يبلّغنا من كل أغنية "منالا".
يختصر الكوبليه أغنية، فكم هي الأغاني التي اعتمدت على كوبليه واحد في انتشارها؟ وكم هو القدر الذي يكفينا من بعض الأصوات؟ ذلك ما يجيب عنه الكوبليه وهو ينقلنا بينها.
نتصفح فنانين وشعراء وملحنين يدوزنون مشاعرنا على عجل.
تشكل الكوبليهات خريطة سماعية لإنتاج فنان في حقب مختلفة يسهل على الناشئين في مدارجه أن يستكشفوا حضوره طوال زمن.
ربما كانت الكوبليهات أكثر فاعلية من المكسات وهي شكل أقل زمنيا في الاختيارات وربما أشبهت فهرسا سماعيا لفنان ما أو حقبة معينة معتمدة على اطلاع من ينتقيها.

النموذج الافتراضي المثالي لأغنية جامعة استفدته من مقال عن مصطلحات الأغنية لفيصل العمري:
أدليب: وهي الموسيقى التمهيدية 
الموال: أول كلمات المغني إذا كانت من غير كلمات الأغنية.
 الاستهلال: وهو أول كلمات المغني إذا كانت من كلمات الأغنية.
المذهب: منتهى الاستهلال وأول اجزاء الأغنية.
الكوبليه: المقطع المكتمل النغم والمعنى ويمكن غناؤه مستقلا عن الأغنية.
القفلة: نغمات تنهي الأغنية بنفس النغمات التي بدأت بها.


نماذج ساوند كلاودية:


ولعلي لاحقا أضيف نماذجا..
ولا أستغني عن مقترحاتكم.


الأحد، 26 مارس 2017

مضاد للضجر..


نتوارى هناك خلف حكايانا ننقشها على أديم الزمن، تنوء بحملها الذاكرة حيث مستقرها الآمن.
قال: لم نعد نحكي لأن الآذان لم تعد تصغي .. كل من تشاركه قصتك ظنّ انك تبحث عن المواساة فيعرض عنك، لا يدري أنك تنسج اريحية وتغزل حميمية بتلك الذكريات.
تشوهت الحكايا بالمغامرات الفاترة، يبنون منصات لها تروي ابتذال التجربة ومهاد الحلم، لا يدعونها تنضج وتختمر حتى تتعالق في انسجة القلب وتصّدقها الفعال.
كانت الأمهات تحنك الأبناء بالحكايا،  يقدحوا بها زند المراجل، فيتكئ الطفل على مشاعرها الحانية حائكة للصبي أردية الخيال، وحين يصبح فتيا يحلق بجناحيه في سماء الحياة عاليا.
لن تدرك إلا بعد فوات الأوان - ربما - أن الإنصات للمحنّكين ارتواء بالأمل ومضاد لليأس، يهز روحك ويعيذك من آثار الخيبات وضجر الأيام وتقلب الأحوال.
عندما تنصت لحكايا ستيني فأنت تستند لجذع عميق الجذور، انهكته الرياح والعراء والأمطار، لكنه أثمر يانعا ولا زال يحكي.

الأحد، 19 مارس 2017

عجائبية الارتهان للبؤس



في ظل زخم روائي تنهمر به دور النشر يحاذر القارئ التورط في فخاخها، ولكوني أتوجس حتى من أغلفة الكتب وأكره اقتناء يفرضه الشكل قبل المضمون، كنت سأتجنب قراءة رواية «الرحلة العجيبة للفقير الذي ظل حبيسا في خزانة إيكيا» خاصة وأنها ممهورة بجائزة فرنسية، ولا يخفى عليكم انتهازية التسويق بالجوائز في أيامنا.
كل ذلك لم يجنبني الوقوع في أسرها ذات أمسية اشتهيت فيها معانقة السرد ولذة الأخيلة، كنت أتهرب فيها من كتابة عرض عمل يفرضه الدوام، فلم أفق من سكرتي إلا وأنا قد تجاوزت المئتي صفحة.
غواية القراءة في حبكة رومان بيترولاس التي ترجمها حسين عمر وصدرت عن المركز الثقافي العربي يعود – ربما – إلى واقعيتها الساخرة، ومتانة علاقة شخصياتها وانتقالاتها المكانية مع عناية بالتفاصيل.
رحلة الهندي آجاتاشاترو لافاش باتيل التي ابتدأت بباريس وانتقلت إلى بريطانيا وإسبانيا ثم إيطاليا وليبيا ومنها إلى باريس، تشكل مغامرة قسرية إلى مرابع الفقراء في جيبور الهندية وتقف بنا على حيل الزهاد الراجستانيين الذين يمضون حياتهم شبه عراة يمارسون الخدع والحيل في الشوارع، كما تحكي معاناة الهاربين من بؤس الأوطان رغبة في الوصول إلى «البلدان الجميلة» موثقة مأساوية السفر إليها في مقطورات بين صناديق الفراولة الإسبانية والكرنب البلجيكي، والرحلات العابرة للقارات، وراكبي القوارب البدائية التي تنطلق من جحيم ليبيا إلى معاقل السواحل الإيطالية أو إلى لجة البحر، أقدار تتداخل بحثا عن الحياة تحت ظلال عالم تحكمه الأنظمة وتسيجه القوانين.
يتطابق الاسم الثاني من اسم بطل الرواية «لا فاش» مع معنى كلمة «بقرة» في اللغة الفرنسية، حيث يستثمرها المؤلف في مواضع عديدة تتضاءل فيها شخصية المحتال تحت سطوة الأقوياء، مع سخرية لاذعة في الانتقالات والمفارقات التي تواجهه، حتى في تحوله لكاتب بين ليلة وضحاها.
الثلاثمئة صفحة تسرد بذكاء مواجهة الإنسان لذاته وانكشافها أمام وقائع الحياة مع صعوبة التحول عن الأخطاء، الأمر ذاته يستعصي على عالمنا اليوم مع سيطرة الصراعات وانتشار رقعة تأثيرها على البلدان حتى تلك المستقرة منها.
قد يستلزمنا التغيير عمرا وربما رحلة عجائبية لنصل إلى معرفة أننا يجب أن نترك تلك الطرق المواربة ونتجه لتصحيح مساراتنا في الحياة، حيث نتصالح مع ذواتنا ونكتشف الحب ونعمر العالم المتهدم من حولنا.






الخميس، 3 ديسمبر 2015

بماذا تحلم؟ لسمير عطا الله


تعدّيتُ زمن الأحلام منذ زمن بعيد. ومنذ زمن أيضًا وأنا راضٍ من زمني بما أنا فيه، شاكرًا حامدًا وممتنًّا. وأتذكر الآن أنني حتى في يفاعي لم أحلم بأشياء كثيرة. لبرهة حلمت بأن أصبح عازف بيانو، وأنا لا أعرف الفرق بين المفاتيح السوداء والبيضاء. وحلمت مرة بأن أصبح محاميًا لأدافع عن المظلومين. ومرة بأن أكون طبيبًا نفسيًا لأساعد المتألمين. عدا ذلك، تقريبًا لا شيء. ولا مرة خطر لي أن أكون سياسيًا، أو رجل أعمال. حملت هذا القلم مبكرًا ورضيت به، ولست أعرف دائمًا رأيه برفقتي. لكن من كمية الورق الذي نستهلكه معًا، يُخيّل إلى أنه ليس كثير التذمّر من هذه الشراكة الصادقة والعادلة: لا يهينني ولا أهينه. يألفني وآلفه. ولعل الخيار كان متعادلاً بينه وبيني، لا كره ولا جفاء.
وفي الصحافة، لم أحلم مرة بأن أكون ناشرًا. ففي شبابي رأيت ناشرين غير قادرين على دفع أجور المحررين. وقررت أن أبقى محررًا يتأخر عليّ راتبي، على أن أكون ناشرًا أؤخِّر رواتب زملائي. وحتى تجاربي في رئاسة التحرير كانت ناجحة مهنيًا وبائسة إداريًا. فقد وقفت مع المحرر، ظالمًا كان أو مظلومًا. وفي ذلك أخطأت أحيانًا في حق الناشر، وربما في موازاته. ولست نادمًا، لكنني غير قادر، مهما طال الزمن، على أن أنسى ما عانيته من زملائي المحررين. ولا أن أنسى ما لقيته من تكريم وفضل أصحاب الصحف، من سعيد فريحة إلى غسان تويني إلى بسام فريحة إلى «الأسبوع العربي» إلى خالد وفيصل وعهدي المرزوق في «الأنباء». لم يكن فيصل وعهدي ناشرين، بل كانا ولا يزالان صديقين ورفيقين، تحملا مني الظلم في سبيل المحررين.
إذ أتطلع خلفي في هذه التجربة المتفاوتة أتساءل: هل حلمت مرة بأن أقلد أساتذتي، سعيد فريحة وغسان تويني؟ أو الذين عرفتهم عن بعد، مصطفى وعلي أمين ومحمد حسنين هيكل؟ أو محمد التابعي، الذي قلده الجميع؟ أو صديقي ورفيقي أحمد بهاء الدين؟
الحقيقة، لا. الحلم الذي لم أحققه هو أن أكون مراسلاً على طريقة البولندي العظيم رزيارد كابوشنسكي. كلما وصلت إلى مكان أعيد شراء كتبه، وأعيد قراءتها. وكلما قرأتها أتحسر على أنني اخترت كتابة الزوايا بدل الإبحار في زوايا الأرض وشعوبها، كما فعل هو، متجاوزًا أكبر الروائيين، محلقًا في أعالي العمل الصحافي.

الخميس - 21 صفر 1437 هـ - 03 ديسمبر 2015 مـ رقم العدد [13519]

الأحد، 16 نوفمبر 2014

كيف أصبحتُ غبيا؟ لـ"مارتن باج": التشبث بـ"الذكاء" في الزمن الصعب



السعادة قد تكمن في التغابي، لكن الغباء ليس حلا لتناقضات الحياة وتضادها مع مسارنا واختياراتنا.
ففي ذروة انهماكنا في حياة تقدس "الإستهلاك" وتعزز "الفردية" يجب أن لا نغفل عن الحياة الحقيقية التي تشكل ذواتنا وتسمو بنا نحو أهدافنا.
كيف أصبحت غبيا؟ ذلك السؤال الذي استطاع  "مارتن باج" أن يحوله في رواية ساخرة إلى حوار ذاتي يفاصل بين الفرد وتيارات الحياة الإستهلاكية والمجتمع العصري ومتطلباتهما.
فـ"أنطوان" الذي عذّبه ذكاؤه وقد تأكد أن "كلمة الذكاء تعبّر عن حماقات أُحْسِنَ بناؤها وزين لفظها وأنها كلمة مؤذية جدا" مفضلا الحماقة على كون المرء "مثقفا" لم يستطع تمالك نفسه معتبرا أن "العقل سبب شقائه" وأنه من اولئك الذين "لايستطيعون إثمار حسناتهم، بل ممن تتحول حسناتهم سيئات" فالذكاء عاهة وكما يقال "من يزيد علمه يزيد ألمه".
اتخذ "أنطوان" قرارا بأن "يغير حياته بطرق كثيرة، قبل أن يصبح غبيا، حلولا أخرى ليذلل صعوبات المشاركة في الحياة" محاولته الأولى والتي قد تعتبر خرقاء كانت مليئة بأمل صادق تلخصت في اختياره أن يكون "سكيرا، ثملا، لا يعود بحاجة للتفكير" وبعد الاستعانة بقواميس ومعاجم الكحول واستعارتها من المكتبة ليلمَّ بالموضوع قبل الشروع في الشرب.
زار الخمارة التي لاتبعد عن مسكنه أكثر من 50 مترا، جالس "ليوناردو" وأبدى له رغبته في تعلم السكر، وبعد مداولة الفكرة معه طلب له قدحا من البيرة، لكن نصف الكأس كان كافيا لنقله إلى المشفى في حالة غيبوبة جرّاء التسمم.
المحاولة الثانية: كانت الإنتحار، فشخصيات كثيرة أعجب بها امتلكت شجاعة اختيار لحظة موتها، وقرر الإنضمام إلى مركز لتعليم الانتحار وبعد تعلمه الكيفية "فقد براءة الهاوي ليكتسب خبرة المحترف، لم تعد لديه الرغبة فيه". "لم يكن أنطوان يرغب في العيش، هذا مؤكد، ولكنه أيضا لم يكن يريد أن يموت".
استمرار المعاناة جعلت "أنطوان" مرة أخرى يجزم بأنه مريض بـ"الإفراط في التفكير"، وبعد اكتشافه "يقين الصلة بين شقائه وتطرف عقله" قرّر ببساطة أنه "يريد أن يعيش لا أن يعرف حقيقة الحياة" فتحسين حياته هو أن يكون غبيا..
إن اشتراطات الحياة التي تثقل كاهل الفرد إذا لم يجابهها بموقف "مثقف" فإنها ستتحول إلى تعاسة قاتلة تسلب منا إنسانيتنا وأخلاقنا.
صحيح أن كثيرا من الاكتشافات التي أدت إلى تحولات حضارية كان "أولاد عاجزون ليس لديهم ما يفعلونه غير التفكير وإمضاء الوقت فيه وتخيل حكايات وابتكارات" لكن ذلك ليس كافيا للتضحية بوجود الأصدقاء والحياة الاجتماعية، إن "الذكاء الوظيفي" الذي يخدم علما أو قضية أو مهنة هو وصفة يمكن تناولها في وجه ما يعترينا من رغبة في الانعزال أو التماهي مع تيار الإستهلاك.
إن أكثر ما كان يخشاه "أنطوان" هو "الثمن الذي ينبغي دفعه لامتلاك اليقينيات" فالإنسان الذي لايملك مبادئا يواجه بها السائد، سيكون عرضة لأمراض العصر والحيرة والتردد والشتات، كان بكل سذاجة يفضل التخلي عن "ذكائه" مقابل امتلاك اليقين بأي قضية مهما كانت تافهة.
هناك أعراض يمكن من خلالها تفهم "الغباء" الذي يجب الهرب منه؛ إنها يمكن أن تتلخص في "نسيان الإدراك وعدم الشغف بالشأن اليومي، وتصديق السياسة، وشراء ثياب جميلة ومتابعة الأحداث الرياضية، والحلم بآخر طراز سيارة، ومشاهدة الأخبار التلفزيونية، والتجرؤ على كره الأشياء وعدم امتلاك القدرة على الحكم على الأشياء" إنها أمور تجعلك منساقا ضمن "عقل كبير يدعى "الرأي العام"، فأنطوان في رحلته الغبية كان يفضل عدم فهم تلك الأمور متعذرا بأنه يفضل ان يكون مثل الناس "سأكون بينهم، أقاسمهم الأمور ذاتها".
إن الغباء يكمن في الخضوع لـ"الأخلاق الليبرالية" مع امتلاك حس غير "مبال بالعواقب، أناني، لا هم له سوى المال، لا هم ولا قضية وجودية كبرى سوى طريقة كسب أكثر ما يمكن منه".
حاول "أنطوان" أن يهرب إلى "الغباء" بتناول حبوب "الأوروزاك" بحيث تغادره الشكوك والقلق وتزين له الواقع كـ"مسحوق مضئ مذهب وملون" دون منغص "الأسئلة والمبادئ التي كانت تتشابك في عقله، ولم يعد "أنطوان" متأثرا بـ"بؤس العالم، والاعتداءات، والحروب، والتفاوت الاجتماعي" فقط أصبح واقعيا تحت تأثير "الأوروزاك".
وليبرهن "أنطوان" على نجاحه في الاندماج بالمجتمع الجديد اقتحم "الماكدونالدز: كهف الرأسمالية الإمبريالية، تخلص من عباراة اللباقة وتجنبها، قصّ شعره وقلد اختياراتهم في اللباس واشترى حذاء من ماركة نايك وجينز من ماركة لوفيز وكنزة ريضاية من أديداس واقترف زيارة إلى الفناء البرجوازي: غالييري، مرّ بمحل ألعاب الفيديو لينهمك في معركة لإبادة المخلوقات، وأصبح بطلا.. ورغب بعدها في إثارة النساء، ومشابهة فرسان الأحلام الموجودين على أغلفة المجلات وانتسب في صالة لكمال الجسام، وأقنعه جديّة زبائن الصالة بأهمية نشاطه" لم يعد كما كان وانضم إلى "رافي" الصديق القديم الذي أثرى من بيع الأسهم والسندات، وامتلك ثروة بعد إجراء الحاسوب لعمليات حسابية إثر انسكاب فنجان من القهوة على لوحة مفاتيحه، وتوصل إلى حقيقة مفادها: "النفس هي أسهل ما يمكن إفسادها، وفرت عليه حبة حمراء التفكير بأنه استطاع في الوقت ذاته أن يبيع نفسه ويشتريها مع ثروة لا يحلم بها".
طبعة جيب من "رسائل فلوبير" وهو أحد الكتب الأثيرة عنده قبل تحوله، لم تستطع إعادته إلى الحياة، فاتجه إلى التلفزيون وتأثيراته المهدّئة والمقاومة للقلق حيث ينساب "الشعاع الشمسي الذي يدفئ ويملأ كهف وعيه"، زاره شبح "داني بريان" وعلى أنغام أغنية "أعد لي حظي من البافلات" كان يقرأ له "رسالة إلى الآنسة ليرواييه دي شانتوبي" من رسائل فلوبير، أعاد "الشبح" بتلك الأحداث بعض وعيه إليه، مذكرا إياه بما كان نيتشه يقوله: "الذكاء حصان جامح، يجب أن نجيد ترويضه وإطعامه الشوفان المناسب وتنظيفه وأحيانا استخدام المهماز".
تعرض "أنطوان" للخطف من أصدقائه "لآس وشارلوت وغانجا ورودولف" نقلوه إلى شقته القديمة التي غطوا جدرانها بستائر، وقرأوا عليه تعاويذ مكونة من كتاب "تأملات ميتافيزيقية لديكارت" ووأنشدوا عليه فقرات من أفكار باسكال وأعمالا أخرى بغرض إزالة السحر .
حين استعاد "انطوان" أصدقاءه، وجد "كليمانس" والحب في انتظاره، ليستأنف حياته بهدر طاقته في النقاش والتنزه على ضفاف النهر، ولعب "لعبة الأشباح": حيث يقودان بعضهما كشبحين، وينظرا إلى الناس على أرصفة المقاهي بدقة وأن يجولا الشوارع والمتاجر الصاخبة ويتسكعا مستغلين لامرئيتهما وكأنهما قد تواريا عن أنظار العالم".
160 صفحة ترجمها: حسين عمر، حملت قدرا من السخرية على عالم متماوج يضخ المعلومات التي ينساق خلفها الناس متلهين عن المعرفة التي تستحق العناء والبحث والنقاش، حياة يحسدك عليها كل من لا يعرفونها، حياة تنبض ذكاء وحبا وصداقات لا تنتهي.

(1) العلاقات العامة

الاتصال والعلاقات العامة  أ. سعيد البوسعيدي  العلاقات العامة:  وسيلة مشتركة لتبادل الأفكارة والآراء لتحقيق أهداف ايجابية  او اداة لخ...