بين كتب قليلة انتهجت أسلوب الصحافة الاستقصائية للدخول إلى عمق أكبر صحاري العالم للتنقيب في تضاريسها وعن أسرار تكوينها الإجتماعي والسياسي والديني، زار مصطفى الأنصاري الصحفي بجريدة الحياة تلك المنطقة وكتب لنا: (الأحرار الملثمون..الطوارق بين الإرهاب والثورة والحب) الذي قد يكون الكتاب الأول في بابه-حسب قول المؤلف- الذي (يتناول الساحة الصحراوية من زاوية سياسية عالمية، بعد تطور الأحداث هنالك إلى حالة أزمة، بعد اتخاذ ما يسمى القاعدة في المغرب الإسلامي، تلك الصحراء ملجأ استراتيجيا لها) .
صدر الكتاب عن دار مدارك للنشر في ٢٢٣صفحة من الورق المتوسط، ويحمل بين طياته تسجيلا لرحلة ابتدأها الكاتب ٢٠٠٥م واختار (إفراد واقع الملثمين بغلاف مستقل لما استجد في المنطقة من أحداث جعلتها نقطة ساخنة متجددة) .
يحتوي الكتاب على خمس فصول وملاحق، أتت كالتالي:
الفصل الأول: السكان والأرض .
الفصل الثاني: كلمة الرصاص .
الفصل الثالث: صراع الأفكار والأطماع .
الفصل الرابع: عاصمة الرمال والأفكار (تنبكتو) .
الفصل الخامس: الغرام الصعب .
ملاحق: *طوارق الجزائر وليبيا أحسن حالا..ولكن! *ليبيا وطوارقها.
لقد حاول الكاتب بهذه الشمولية أن يستدعي واقع المنطقة، ويستنطقه بأسلوب صحافي جزل منفصلا -على غير العادة- عن الأسطورة التي حاول الكاتب الحد من تأثيرها حتى يستطيع (إضافة جديد إلى القارئ الذي كثيرا ما يشقي البحث عما يهمه رجال مهنة المتاعب) .
ولأن الكتاب قدم عدة قضايا تلهب ذهن القارئ كما تلهب رمال الصحراء أقدام الحفاة فمن الصعب اجتزاؤها أو محاولة عرضها بطريقة غير مخلة، وبالرغم من قراءتي لبعض فصول الكتاب حين نشرها الكاتب في صحيفة الحياة إلا أني وجدت سياق الكتاب جعلها في وحدة موضوعية وظفت لتقديم مادة غنية بالمعلومات والوقائع ، بالإضافة لضمه فصلا عن (الحب والحياة الاجتماعية) كتبه الأستاذ: محمد عبدالباقي، كما استعان الكاتب بمراجع ومصادر توثيقية للآثار والمعلومات والوقائع .
والذي خلص إليه المؤلف خلال سنوات خمس تابع فيها ملف الصحراء الكبرى هو أن مشكلتها تنحصر في الجانب التنموي، وهو الذي تفرعت عنه معضلتا الهوية والأمن/الإرهاب، ويحاول في خاتمة كتابه إخراج المنطقة من كونها إشكالية عالمية وأهلها ضحايا إلى الأبد بطرح حلول عملية مرهونة بالإرادة الدولية .
الكتاب يزخر بالتحليلات السياسية والعناوين المانشيتية الأخاذة ويعتبر ببساطة تجربة ممتعة وقصة مثيرة ونافذة تضع القارئ في قلب المنطقة .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق